ذكرى ميلاد زينات صدقي.. ضحكة أخفت وراءها حكايات الوحدة|تقرير

زينات صدقي
زينات صدقي

 

تحل اليوم ذكرى ميلاد نجمة الكوميديا الشعبية التي أثرت الشاشة المصرية بضحكاتها العفوية وحضورها المميز، الفنانة زينات صدقي ، لم تكن مجرد ممثلة تتقن أدوار الخادمة أو "بنت البلد" خفيفة الظل، بل كانت فنانة عظيمة تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما المصرية، وامرأة حملت روحًا مرحة أخفت خلفها قصصًا إنسانية عميقة من الوحدة وربما الخذلان ، في ذكرى ميلادها، نستعيد محطات من حياتها ومسيرتها الفنية الثرية.


زينات صدقي: نجمة الكوميديا التي أضحكت الملايين وبكت وحيدة

بدأت الفنانة القديرة زينات صدقي مسيرتها الفنية كمطربة ضمن العديد من الفرق الغنائية الصاعدة في تلك الحقبة ، كانت تتمتع بحضور لافت وصوت مميز، الأمر الذي لم يغب عن عين الفنان القدير نجيب الريحاني، الذي كان يتمتع ببعد نظر فني قل نظيره ، استشعر الريحاني موهبة كامنة لدى زينات تتجاوز الغناء، فعرض عليها دورًا في إحدى مسرحياته الشهيرة ، كانت هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول جذرية في حياتها المهنية، حيث فتحت لها أبواب عالم التمثيل الواسع.

خلال تلك الفترة، أطلق الفنان نجيب الريحاني عليها اسم "زينات"، وقد تبنت هذا الاسم عرفانًا بصديقتها المقربة، الفنانة خيرية صدقي، حيث اقتبست منها لقب "صدقي" ليصبح اسمها الفني "زينات صدقي" ،ومنذ تلك اللحظة، بدأت تتبلور ملامح شخصيتها الفنية المميزة التي عرفها الجمهور، حيث برعت في تجسيد أدوار المرأة سليطة اللسان، والخادمة خفيفة الظل، والمرأة الشعبية بنت البلد، لتصبح هذه الأدوار بمثابة العلامة المميزة لها في عدد كبير من الأفلام المصرية التي شاركت فيها.

لمعت زينات صدقي في سماء السينما المصرية، وتعاونت مع كوكبة من ألمع نجوم الفن في تلك الفترة الذهبية ،وقفت أمام عمالقة التمثيل مثل يوسف وهبي، الذي أثرى السينما المصرية بروائعه، وتقاسمت الشاشة مع ملك الكوميديا إسماعيل ياسين في العديد من الأفلام التي لا تزال تثير الضحك حتى يومنا هذا ، كما شاركت في أفلام جمعتها بنجوم الطرب شادية وعبد الحليم حافظ، والنجم الرومانسي أنور وجدي، أحمد رمزي لتثبت بذلك قدرتها على التنوع والتألق في مختلف الأدوار ، ويُذكر أن حصيلة مشاركاتها السينمائية تجاوزت الـ 400 فيلم، وهو رقم قياسي يعكس مدى غزارة إنتاجها وحضورها الطاغي في تاريخ السينما المصرية.

في فترة الستينيات من القرن العشرين، وبعد أن حققت نجاحًا ساحقًا في مجال الكوميديا النسائية، وتربعت على عرش هذا النوع جنبًا إلى جنب مع قلة من نجمات السينما المصرية مثل ماري منيب ووداد حمدي، بدأ نجمها في الأفول تدريجيًا ، ربما تغيرت ذائقة الجمهور، أو ربما غابت عنها الأدوار التي تليق بموهبتها الكبيرة ، المؤسف في الأمر أن زملاءها في الوسط الفني بدأوا في إداراة ظهورهم لها، لتجد نفسها في عزلة بعد سنوات من الشهرة والأضواء ، وصلت بها الظروف القاسية إلى حد اضطرارها لبيع أثاث منزلها لتوفير قوت يومها، فزينات التي أسعدت الملايين بضحكاتها الصادقة لم تجد من يواسيها بكلمة طيبة أو يمسح دموعها في محنتها ، ظلت تعاني في صمت وتجاهل تام من محيطها الفني، حتى جاء التكريم الذي طال انتظاره من الرئيس الراحل أنور السادات في عيد الفن عام 1976، ليلقي بعض الضوء على مسيرتها الفنية الحافلة.

حياة فنية وزوجية.. قصة لم تكتمل

على الصعيد الفني، حققت زينات صدقي نجاحًا كبيرًا وكسبت محبة الجمهور والنقاد على حد سواء ، إلا أن حياتها الشخصية لم تكن بنفس القدر من السعادة ، تزوجت زينات صدقي مرة واحدة فقط، ولكن هذه الزيجة لم تستمر طويلًا، ولم تُرزق بأطفال ، عاشت الفنانة القديرة سنواتها الأخيرة وحيدة، وهو ما يفسر ربما تلك النظرة الحزينة التي كانت تظهر أحيانًا خلف ابتسامتها الساحرة على الشاشة.


وفاة زينات صدقي

رحلت زينات صدقي عن عالمنا في عام 1978، تاركة وراءها إرثًا فنيًا غنيًا سيظل يُضحك ويمتع الجمهور لعقود قادمة ، ستبقى في ذاكرة السينما المصرية أيقونة للكوميديا الشعبية، وفنانة استطاعت بصدق موهبتها أن تحتل مكانة خاصة في قلوب محبي الفن ، حكايتها تستحق أن تُروى وتُتذكر، فهي قصة فنانة عظيمة أضحكت الملايين بينما حملت في قلبها حكايات أخرى لم تُروَ بالكامل.

تم نسخ الرابط