عادل إمام.. الزعيم الذي تجاوز الأجيال وظل محافظا على صدارته

عادل إمام
عادل إمام

في تاريخ الفن العربي، قلما استطاع فنان أن يحتفظ بزعامته الفنية طيلة أكثر من ستة عقود متواصلة، متحديًا تغير الأذواق وتحولات المجتمعات وصعود مواهب جديدة.

عادل إمام، أو كما يلقبه الجميع "الزعيم"، ليس مجرد ممثل كوميدي شهير، بل ظاهرة فنية وإنسانية استثنائية، فقد استطاع أن يبقى حاضرا في المشهد السينمائي والمسرحي والتليفزيوني، محتفظا بجاذبيته وتأثيره على أجيال متعاقبة، ليصبح جزءا أصيلا من الذاكرة الجمعية للفن في العالم العربي.

لم تكن استمرارية عادل إمام مجرد محض موهبة، بل نتيجة لذكاء فني فطري وقدرة نادرة على قراءة المزاج العام للجمهور، ومعرفة كيف وأين يتحرك، ومع من يتعاون، ومتى يجدد نفسه.

الزعيم كان دائما يقف في منطقة الوسط بين الكوميديا الاجتماعية الساخرة والتراجيديا العميقة، يستمد أدواته من تفاصيل الشارع المصري والعربي، ومن هموم البسطاء وأحلام المهمشين، الأمر الذي جعل مكانته تتجاوز حدود الشاشة لتصبح حالة وجدانية خاصة لدى الجمهور.

في محاولة للوقوف على أسرار بقاء عادل إمام في صدارة المشهد لعقود طويلة، تحدث عدد من النقاد عن مكونات هذه الظاهرة وأسباب تفوقها واستمراريتها، في تصريحات لـ “كارافان”.

في البداية، أكد الناقد عصام زكريا أن عادل إمام حالة متفردة في إدارة الموهبة، مشيرا إلى أن استمرار الفنان في مكانة النجومية يرتبط ارتباطا وثيقا بذكائه الفني وقدرته على التعامل مع التغيرات.

وأوضح أن الزعيم نجح في تجاوز مراحل صعبة شهدها الوسط الفني، واستطاع أن يفرض نفسه في السينما والمسرح والدراما التليفزيونية، وهو أمر نادر الحدوث.

وأضاف زكريا أن عادل إمام كان دائمًا يحرص على تطوير أدائه وتغيير أدواره وفقا لمتطلبات المرحلة، فلا يظل حبيس شخصية واحدة أو نوعية محددة من الأفلام، بل يختار بعناية متى يجدد نفسه ومتى يعيد تقديم صورة مألوفة بطريقة مختلفة.

أما الناقد رامي عبد الرازق، فأشار إلى أن سر تفوق عادل إمام يكمن في اختياراته شديدة الذكاء، وقدرته على التنقل بين شخصيات متنوعة.

وأوضح أن الفنان الكبير لم يكتف بأدوار الكوميديا، بل اقتحم مساحات درامية مختلفة، وقدم شخصيات شريرة وجادة بحرفية، وهو ما أضاف لرصيده ووسّع شريحة جمهوره.

ولفت عبد الرازق إلى أن الفترة الذهبية في مشوار الزعيم كانت خلال تعاونه مع الكاتب الكبير وحيد حامد، حيث قدما معا مجموعة من أنضج وأبرز الأعمال في تاريخ السينما العربية.

ورغم شهرة أفلام مثل الإرهاب والكباب والمنسي وطيور الظلام، إلا أن عبد الرازق يرى أن هناك أفلاما أخرى تستحق إعادة الاكتشاف مثل الهلفوت والإنسان يعيش مرة واحدة.

بينما يرى الناقد أندرو محسن أن استمرار عادل إمام لعقود طويلة يعود لوعيه الفني وقدرته على قراءة الجمهور.

وأوضح أن الزعيم لم يسجن نفسه يوما في شخصية الشاب الكوميديان، بل ظل طوال الوقت يبحث عن أدوار جديدة وشخصيات مختلفة تعكس تحولات المجتمع المصري والعربي.

وأشار محسن إلى أن واحدة من الخطوات الذكية في مشواره كانت اختياره توقيت العودة للدراما التليفزيونية في 2012 من خلال فرقة ناجي عطالله، وسط جيل جديد من الفنانين الشباب، الأمر الذي منحه فرصة التواصل مع جمهور مختلف وجيل جديد.

تم نسخ الرابط