في ذكرى رحيله.. كيف تحول سمير غانم من ضابط شرطة إلى أسطورة فى عالم الكوميديا

الفنان سمير غانم
الفنان سمير غانم

في مثل هذا اليوم من عام 2021، ودعنا قامة فنية لن تتكرر، الفنان  سمير غانم رحلة بدأت من قلب الصعيد في أسيوط، لتنتهي في الجيزة، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا وضحكة لا تزال في آذان محبيه ، سمير غانم، أو "فطوطة" كما أحبه الملايين، لم يكن مجرد ممثل كوميدي، بل كان ظاهرة فنية، أيقونة للبهجة، وفنانًا امتلك قدرة فريدة على رسم الابتسامة على الوجوه في أصعب الظروف.

 

من أسيوط إلى أضواء المسرح

ولد سمير يوسف غانم في 15 يناير 1937 بقرية عرب الأطاولة بمحافظة أسيوط ، بدأت رحلته التعليمية بالالتحاق بكلية الشرطة اقتداءً بوالده الضابط، لكن شغفه بالفن كان أقوى، ليتم فصله بعد عامين وينتقل إلى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية ، هناك، بدأت تتبلور موهبته الفنية حيث انضم للفرق الفنية بالجامعة في الإسكندرية، التقى بالفنان وحيد سيف وعادل نصيف، وشكّلوا فرقة اسكتشات غنائية، لكنها لم تستمر طويلًا ، القدر كان يدخر لسمير غانم لقاءً آخر سيغير مسار حياته الفنية.


ثلاثي أضواء المسرح  نقطة التحول

شهرة سمير غانم تزامنت مع بروز نجمي جورج سيدهم في جامعة عين شمس و الضيف أحمد في جامعة القاهرة ، ليجمعهم سمير معًا، وتُولد الفرقة الأسطورية "ثلاثي أضواء المسرح" ، لمع نجم الفرقة بعد تقديم مسرحية "طبيخ الملايكة" عام 1964، تلتها العديد من الاسكتشات والمسرحيات التي رسخت مكانتهم، مثل اسكتش "كوتوموتو" ومسرحيات "حدث في عزبة الورد"، "الراجل اللي اتجوز مراته"، و"حواديت". قدم الثلاثي أيضًا عددًا من الأفلام السينمائية التي لا تزال خالدة في ذاكرة السينما المصرية، مثل "شاطيء المرح" "30 يوم في السجن" ، "المجانين الثلاثة" ، "شباب مجنون جداً" ، زواج علي الطريقة الحديثة وعدد كبير من أفلام السينما التي حققت نجاح كبير .

بعد الضيف أحمد مرحلة جديدة

عام 1970، رحل الضيف أحمد، ليتفكك الثلاثي، ويستمر سمير غانم وجورج سيدهم في رحلتهما الفنية معًا ، قدما خلال السبعينات عددًا من المسرحيات الناجحة، كان أبرزها وأكثرها جماهيرية "المتزوجون" ، "أهلاً يا دكتور" .

تنوعت أعمال سمير غانم في السبعينات بين السينما والتلفزيون والمسرح ، ففي السينما، شارك في أفلام مثل "الصديقان"، "لسنا ملائكة"، "واحد في المليون"، "السراب"، "نحن الرجال طيبون"، "نار الشوق"، "فرقة المرح"، و"ولد وبنت والشيطان" ، وعلى خشبة المسرح، قدم "موسيكا في الحي الشرقي" و"فندق الثلاث ورقات".


"فطوطة" و مسرحية "المتزوجون" أيقونات خالدة

شهدت الثمانينات نقطة تحول جديدة في مسيرة سمير غانم، فبعد وفاة شقيقه ومدير أعماله سيد غانم عام 1982، اتخذ قرارًا بتغيير نمط عمله، وكان ذلك سببًا في انفصاله الفني عن جورج سيدهم عام 1983، قدم مع المخرج فهمي عبد الحميد أولى حلقات فوازير "فطوطة والأفلام"، التي حققت نجاحًا ساحقًا، لتتوالى بعدها فوازير "فطوطة والشخصيات" عام 1986 ، ثم عاد في التسعينات ليقدم فوازير "المتزوجون في التاريخ" (1992)، "المضحكون" (1993)، و"أهل المغنى" (1994) ، ولا يمكن أن ننسى أيضًا مسرحية "فطوطة" التي استوحاها من شخصية الفوازير.


عائلة فنية بامتياز

لم تكن حياة سمير غانم الفنية بمعزل عن حياته الشخصية ، فقد ارتبط بالراحلة الفنانة دلال عبد العزيز وكوّنا معًا ثنائيًا فنيًا وحياتيًا فريدًا شاركا في العديد من الأعمال السينمائية التي جمعت بينهما، ومنها أفلام "يا رب ولد" ، "المجانين في نعيم" ، "نص أرنب" أثمر هذا الزواج عن ابنتين، هما الفنانتان دنيا سمير غانم و إيمي سمير غانم اللتان ورثتا عن والديهما خفة الظل والموهبة الفنية ، قدم سمير غانم العديد من الأعمال الفنية مع ابنتيه، منها مسلسلات "لهفة" و"نيللي وشريهان" و"في الـ لا لا لاند" مع دنيا، ومسلسلات "عزمي وأشجان" و"سوبر ميرو" مع إيمي، حيث كان دائمًا داعمًا لمسيرتهما الفنية.

أصدقاء العمر والوسط الفني

علاقات سمير غانم في الوسط الفني كانت مبنية على الحب والاحترام ، كان مقربًا جدًا من الزعيم عادل إمام ، وربطتهما صداقة قوية امتدت لعقود وبالطبع، لا يمكن ذكر سمير غانم دون الإشارة إلى رفيق دربه ونجاحه جورج سيدهم وصديقه الذي رحل مبكرًا الضيف أحمد ، شكل هؤلاء الثلاثة فصلاً ذهبيًا في تاريخ الكوميديا المصرية.

اليوم، ونحن نتذكر سمير غانم، نتذكر فنانًا استثنائيًا، ترك بصمة لا تُمحى في قلوبنا وعقولنا فنان عرف كيف يمس الروح بضحكته الصادقة، وكيف يظل حاضرًا رغم الغياب.

تم نسخ الرابط