بذكرى رحيل زهرة العلا.. 120 فيلمًا صنعت مكانتها في تاريخ الفن المصري
زهرة العلا.. أيقونة الفن الراقي في ذاكرة السينما
تحلّ اليوم الخميس 18 ديسمبر، ذكرى رحيل الفنانة الكبيرة زهرة العلا، التي غابت عن عالمنا تاركة إرثًا فنيًا ثريًا امتد لعقود من الإبداع في السينما والمسرح والتلفزيون.
واستطاعت زهرة العلا، أن تحفر اسمها في وجدان الجمهور بأدوارها الصادقة والعميقة، لتصبح واحدة من رموز الفن الراقي في الوطن العربي.
الميلاد والنشأة بين الإسكندرية والقاهرة
وُلدت زهرة العلا محمد بكير في 10 يونيو عام 1934 بمدينة الإسكندرية، في حي محرم بك، لأم ريفية وأب من أصول تركية، وكانت الرابعة بين خمسة أشقاء.
تنقلت أسرتها بين عدد من المدن، قبل أن تستقر في القاهرة، حيث تشكلت ملامح وعيها الفني والإنساني.
الموهبة المبكرة وبدايات الشغف بالفن
ظهرت موهبتها الفنية منذ طفولتها، إذ كوّنت فريقًا للتمثيل داخل مدرستها، وتولت الإشراف على الأعمال المسرحية وإخراجها بنفسها. شاركت مدرستها في مسابقة بين المدارس، ونجحت في الحصول على المركز الأول، ما كشف عن موهبة مبكرة لفتت الأنظار.

دعم الأب وبوابة يوسف وهبي
حظيت زهرة العلا بدعم كبير من والدها، الذي شجعها على احتراف الفن، وقدّمها بنفسه للفنان يوسف وهبي، الذي كانت تربطه به علاقة صداقة قديمة.
وأسهم يوسف وهبي في توجيه خطواتها الأولى نحو عالم المسرح، قبل أن تلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتتخرج فيه عام 1954.
الانطلاق المسرحي مع زكي طليمات
بدأت مسيرتها الاحترافية ضمن فرقة زكي طليمات، وقدمت عددًا من المسرحيات المهمة، من بينها: «البخيل»، «مريض بالوهم»، «فتش عن المرأة»، و«7 فرخات وديك»، ثم انضمت إلى فرقة إسماعيل ياسين، وشاركت معه في بطولات بعض أفلامه، وبعد حل الفرقة شاركت في مسرحية «حواء الساعة 12».
الانتقال إلى السينما وبداية النجومية
في أوائل الخمسينيات، انتقلت زهرة العلا من خشبة المسرح إلى شاشة السينما، وقدمت أول أدوارها السينمائية في فيلم «خدعني أبي» عام 1951، وفي العام نفسه شاركت في فيلم «أنا بنت ناس»، الذي عرّف الجمهور بها بشكل أوسع، ليكون نقطة تحول مهمة في مسيرتها الفنية.

120 فيلمًا في رصيد السينما المصرية
توالت أعمال زهرة العلا على مدار عقود طويلة، وقدمت ما يقرب من 120 فيلمًا سينمائيًا، من أبرزها: «أيامنا الحلوة» (1955)، «رد قلبي» (1957)، «جميلة» (1958)، و«دعاء الكروان» (1959)، الذي يُعد من أهم وأبرز أفلامها في تاريخ السينما المصرية.
تعاونات فنية مع كبار النجوم
شاركت زهرة العلا عددًا كبيرًا من نجوم الصف الأول في السينما المصرية، وتعاونت مع الفنان إسماعيل ياسين في أفلام عدة، من بينها: «إسماعيل يس في الأسطول»، «إسماعيل يس في البوليس»، و«ملك البترول». كما شاركت في فيلم «سر طاقية الإخفاء» أمام عبد المنعم إبراهيم، و«في بيتنا رجل» مع رشدي أباظة وعمر الشريف، و«موعد غرام» مع فاتن حمامة، إلى جانب أعمال أخرى تركت بصمة لا تُمحى.
الدراما التليفزيونية.. حضور لا يُنسى
على صعيد الدراما التليفزيونية، قدمت زهرة العلا مجموعة كبيرة من المسلسلات التي شكّلت علامات بارزة في تاريخ الدراما المصرية، من أبرزها: «إني راحلة»، «أم العروسة»، «لقيطة»، «على هامش السيرة»، «أيها الحب لا تهجرني»، «السوار القاتل»، «زهور وأشواك»، «حكايات هو وهي»، «رحلة السيد أبو العلا البشري»، «الحب وأشياء أخرى»، و«الزوجة أول من يعلم».
الإذاعة.. صوت مميز وشخصيات خالدة
كانت زهرة العلا، من الفنانات اللاتي صنعن حضورًا مميزًا في الدراما الإذاعية، مستفيدة من موهبتها الصوتية وقدرتها على تجسيد الشخصيات عبر الصوت فقط.
وشاركت في عدد كبير من التمثيليات الإذاعية، من بينها: «اللهم إني صايم»، «لن أعيش في جلباب أبي»، «صيف حار جدًا»، «أبو الحسن العبيط»، «السر الرهيب»، و«أهلك لتهلك».
الاعتزال وآخر الأعمال الفنية
يُعد فيلم «أرض أرض» عام 1991 آخر أعمال زهرة العلا السينمائية، حيث ابتعدت بعده عن الساحة الفنية، وامتنعت عن الظهور الإعلامي والمشاركة في المهرجانات والاحتفالات الرسمية حتى رحيلها.

التكريمات والتقدير الفني
حصلت زهرة العلا، على العديد من التكريمات خلال حياتها، من بينها تكريم المركز الكاثوليكي في مصر عام 2010، تقديرًا لعطائها الفني الطويل، كما أُدرجت عدة أفلام لها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.
الحياة الشخصية والأسرة
على الصعيد الشخصي، تزوجت زهرة العلا عدة مرات، أبرزها زواجها من المخرج حسن الصيفي، الذي استمر نحو 45 عامًا، وأنجبت منه ابنتين هما منال وأمل الصيفي، حيث سارت منال على خطى والدتها في المجال الفني وأصبحت مخرجة.
الرحيل وخلود الاسم
رحلت الفنانة زهرة العلا عن عالمنا في 18 ديسمبر 2013 عن عمر ناهز 79 عامًا، تاركة خلفها مسيرة فنية حافلة بالإبداع والتميز، جعلت اسمها خالدًا في ذاكرة الجمهور والنقاد، بوصفها واحدة من أبرز نجمات الفن المصري والعربي.