يسري نصر الله: استبعاد لجنة التحكيم من إعلان جوائز مهرجان قرطاج «فضيحة»
شهدت أيام قرطاج السينمائية حالة من الغضب الواسع داخل الأوساط السينمائية العربية والتونسية، عقب استبعاد لجنة تحكيم المسابقة الدولية من إعلان جوائز المهرجان خلال حفل الختام، في واقعة أثارت جدلًا كبيرًا، ووصفت بأنها سابقة خطيرة تمس مصداقية أحد أعرق المهرجانات السينمائية في المنطقة.
يسري نصر الله يصف ما حدث بـ«الفضيحة» ويطالب بالتوضيح
أبدى المخرج الكبير يسري نصر الله غضبه الشديد مما جرى، وكتب عبر صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك» أن ما حدث مع لجنة تحكيم المسابقة الدولية يُعد «فضيحة» مكتملة الأركان، تستوجب توضيحًا رسميًا من إدارة المهرجان، معتبرًا أن تجاهل دور لجنة التحكيم يمثل مساسًا مباشرًا بقيم العدالة والشفافية التي تقوم عليها المهرجانات السينمائية.
مخرجون تونسيون ينتقدون إدارة المهرجان ويحذرون من تدهور سمعته
من جانبه، وجّه المخرج التونسي مهدي هميلي انتقادات حادة لما جرى، مؤكدًا أن المهرجان العريق شهد تراجعًا ملحوظًا في مستواه التنظيمي، خاصة في ظل الإدارة الحالية، التي وضعت سمعة مهرجان قرطاج السينمائي على المحك، بحسب تعبيره.
وانضم إلى موجة الانتقادات عدد من الفنانين التونسيين، حيث قامت الفنانتان فاطمة ناصر وعائشة بن أحمد بنشر البيان الرسمي الصادر عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية، والذي جاء على لسان رئيسة لجنة التحكيم، المخرجة الفلسطينية نجوى نجار.
لجنة التحكيم: شاهدنا الأفلام وداولنا 6 ساعات وسلمنا النتائج رسميًا
وأكدت نجوى نجار في بيانها أن إدارة المهرجان، برئاسة السيد محمد طارق بن شعبان، نجحت في اختيار 14 فيلمًا من أفريقيا والعالم العربي، في توقيت بالغ الحساسية تمر به المنطقة، في ظل الإبادة الجماعية في فلسطين ومعاناة شعوب المنطقة، مشيرة إلى أن هذه الظروف أعادت التذكير بالدور الرمزي والثقافي العميق الذي لطالما لعبه مهرجان قرطاج السينمائي.
وأوضحت أن لجنة التحكيم الدولية شاهدت الأفلام المشاركة على مدار خمسة أيام بكل جدية ومسؤولية، وخاضت نقاشات معمقة وصريحة، استمرت المداولات النهائية خلالها ست ساعات متواصلة، مؤكدة أن أعضاء اللجنة قدموا وقتهم وجهدهم على المستويين الشخصي والمهني في مهمة تطوعية، حرصًا على ضمان حكم عادل ونزيه، لا سيما في ظل الشائعات التي رافقت الدورة.
وأضافت أن اللجنة قامت بصياغة أسباب مكتوبة وواضحة لاختيارات الأفلام الفائزة، وتم تسليم القائمة النهائية رسميًا إلى الجهات المعنية في اليوم السابق لحفل الختام.
خلافات حول شكل حفل الختام تنتهي بغياب لجنة التحكيم
وكشفت نجوى نجار أنه في صباح يوم السبت، تلقت لجنة التحكيم اتصالًا من لجنة التعاون الدولي يفيد بأن الإعلان عن الأفلام الفائزة وتقديم الجوائز سيتم من قبل أشخاص من خارج لجنة التحكيم، وهو ما اعتبرته اللجنة أمرًا غير مألوف في المهرجانات الدولية، ودفعها إلى رفض هذا المقترح.
وأكدت أن لجنة التعاون المشترك لعبت دورًا إيجابيًا في نقل مخاوف هيئة التحكيم بحسن نية، ولا يزال الحوار معها قائمًا، إلا أن القرارات النهائية المتعلقة بشكل الحفل اتُّخذت على مستوى مؤسسي وإداري خارج صلاحيات إدارة المهرجان المباشرة.
وفي محاولة لتفادي الأزمة، اقترحت لجنة التحكيم حلًا وسطًا يقضي بقراءة دوافع الجوائز من قبل اللجنة، على أن يتولى الضيوف تقديم الجوائز، وتمت دعوة اللجنة إلى بروفة بدار الأوبرا، حيث أُبلغت بحرية تنفيذ هذا المقترح.
غير أن اللجنة فوجئت، عقب انتهاء البروفات وعودتها إلى الفندق، باتصال جديد في الساعة السابعة والنصف مساءً، يؤكد التراجع عن الاتفاق والتمسك بالقرار الأول، مع استبعاد قراءة دوافع لجنة التحكيم. وعندها أبلغت اللجنة الجهات المعنية بأن هذا القرار قد يؤدي إلى غيابها عن الحفل، على أمل إعادة النظر فيه، إلا أن الرد جاء حاسمًا بعدم وجود أي تغيير.
وأشارت نجوى نجار إلى أن أعضاء لجنة التحكيم انتظروا حتى الساعة التاسعة والربع مساءً في ردهة الفندق، أملًا في فتح باب حوار أخير، لكن دون جدوى، ما دفعهم إلى اتخاذ قرار جماعي وصعب بعدم حضور حفل الختام.
لجنة التحكيم: إقصاؤنا يمس نزاهة المهرجان وثقة السينمائيين
وشددت نجوى نجار على أن قرار الغياب لم يكن اندفاعيًا، بل انطلق من موقف مبدئي وأخلاقي، مؤكدة أن لجان التحكيم ليست شكلًا بروتوكوليًا، بل تمثل جوهر نزاهة أي مهرجان سينمائي. وأضافت أن إسكات صوت لجنة التحكيم يُعد مساسًا بثقة السينمائيين وبالقيم التي لطالما جسدها مهرجان قرطاج كمنصة للحرية والاستقلالية الفنية.
واختتمت البيان بالتأكيد على أن احترام دور لجان التحكيم شرط أساسي للحفاظ على مصداقية المهرجانات السينمائية ومكانتها الثقافية، خاصة المهرجانات العريقة مثل مهرجان قرطاج السينمائي.