الكيت كات ورسائل البحر وأرض الخوف..أبرز أعمال المخرج الراحل داوود عبد السيد
في هدوء يليق بأسلوبه الفني، رحل عن عالمنا المخرج الكبير داوود عبد السيد منذ قليل، بعد مسيرة سينمائية استثنائية، اتسمت بالصمت الطويل قبل كل عمل، والعمق الإنساني والفلسفي داخل كل فيلم، تاركًا خلفه إرثًا سينمائيًا لا يُنسى.
لم تكن كاميرا داوود عبد السيد مجرد أداة تصوير، بل كانت نافذة تنفذ إلى أعماق النفس البشرية، ترصد أحلام المهمشين وأسئلة الوجود الكبرى، وتعيد طرح الواقع من زاوية مختلفة.
سينما قليلة العدد.. عظيمة الأثر
على مدار أكثر من 40 عامًا، قدّم داوود عبد السيد 9 أفلام روائية طويلة فقط، لكنها شكّلت محطات فارقة في تاريخ السينما المصرية والعربية، حيث مثّل كل عمل منها تجربة فنية مكتملة أعادت تعريف العلاقة بين السينما والفكر.
الكيت كات
ويُعد فيلم «الكيت كات» (1991) من أبرز أعماله، إذ لم يقدّم فيه مجرد حكاية عن الشيخ حسني، بل صاغ رؤية فلسفية عن “البصيرة”، وقدرة الإنسان على رؤية العالم بالقلب والخيال حين تعجز العينان.
وشارك في بطولة الكيت كات كل من: محمود عبد العزيز، أمينة رزق، شريف منير، عايدة رياض، نجاح الموجي، وغيرهم من الفنانين.
أرض الخوف
كما قدم أيضًا فيلم أرض الخوف بطولة أحمد زكي، سامي العدل، عزت أبو عوف، عبد الرحمن أبو زهرة، فيدرا، زينة، فتحي عبد الوهاب، صفاء الطوخي، وغيرهم.
رسائل البحر
وفي عام 2010، صنع الراحل داوود عبد السيد توليفة فنية مختلفة قدمها من خلال فيلم رسائل البحر، الذي قام ببطولته آسر ياسين، وبسمة، إلى جانب مي كساب، محمد لطفي، صلاح عبد الله.
نهج فلسفي مختلف وقرار اعتزال
انتمى داوود عبد السيد إلى جيل الواقعية الجديدة، لكنه تميّز بطرح فلسفي عميق، جعل السينما لديه مساحة للتساؤل عن الهوية والسلطة والقدر، كما ظهر بوضوح في فيلم «أرض الخوف»، الذي تناول رحلة إنسانية معقدة داخل عالم مزدوج يفقد فيه البطل ملامح ذاته.
ورغم تأثره المبكر بتجربته كمساعد ليوسف شاهين، تمرد داوود على القوالب الجاهزة، وحرص على كتابة أفلامه بنفسه، وصياغة شخصيات بسيطة تحولت إلى نماذج إنسانية شديدة العمق.
وفي سنواته الأخيرة، اتخذ قرارًا حاسمًا بالابتعاد عن الإخراج، رفضًا للخضوع لمنطق سوق سينمائي رأى أنه بات يفضل الاستهلاك على الإبداع، ليظل وفيًا لمبادئه حتى اللحظة الأخيرة.


