في ذكرى وفاتها.. محطات بارزة في مشوار الفنانة إحسان القلعاوي "أم الطيبين"
تحل اليوم الأربعاء، ذكرى رحيل الفنانة القديرة إحسان القلعاوي، إحدى العلامات البارزة في تاريخ الفن المصري، والتي نجحت عبر مسيرة طويلة في ترسيخ صورتها كأيقونة للأدوار الإنسانية الصادقة، لتصبح واحدة من أكثر الوجوه قربًا من قلوب الجمهور في المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون.
نشأة فنية وبدايات مبكرة
وُلدت إحسان عبد الحليم القلعاوي في السادس والعشرين من أبريل عام 1932 داخل أسرة لها تاريخ فني عريق، إذ كانت ابنة الفنان والمخرج المسرحي عبد الحليم القلعاوي، وشقيقة الفنان الراحل محمود القلعاوي، وهو ما منحها فرصة النشأة وسط أجواء فنية وثقافية أثرت في وعيها مبكرًا.
تلقت تعليمها في مدارس راهبات الدليفراند، ثم حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الفرنسية، قبل أن تتخرج في معهد الفنون المسرحية، لتجمع بين الثقافة الأكاديمية والدراسة الفنية المتخصصة.
الإذاعة بوابة العبور إلى النجومية
رغم رغبة والدتها في أن تعمل مدرسة للغة الفرنسية، فإن إحسان القلعاوي تمسكت بحلمها الفني، وبدأت خطواتها الأولى عبر الإذاعة المصرية خلال خمسينيات القرن الماضي، حيث لمع اسمها من خلال شخصية «خالتي بمبة» في برنامج «ربات البيوت».
وقدمت عبر الميكروفون عددًا كبيرًا من المسلسلات الإذاعية التي حققت انتشارًا واسعًا، وأسهمت في ترسيخ موهبتها، ومن بينها أعمال تناولت القضايا الاجتماعية والإنسانية بلغة بسيطة قريبة من المستمع.
تألق مسرحي وحضور لافت على خشبة المسرح
انتقلت إحسان القلعاوي بعد ذلك إلى المسرح، وعملت ضمن فرق المسرح القومي، وشاركت في تقديم عروض مسرحية تركت أثرًا واضحًا لدى الجمهور، كما قدمت أعمالًا مميزة في المسرح الكوميدي ومسرح القطاع الخاص، من بينها مسرحية «هانم»، مؤكدة قدرتها على التنوع بين التراجيدي والكوميدي بسلاسة.
مسيرة سينمائية ثرية بأدوار مؤثرة
دخلت الفنانة الراحلة عالم السينما مبكرًا، حيث ظهرت لأول مرة في فيلم «حياتي أنت» عام 1952، لتواصل بعدها مشاركاتها السينمائية في عدد كبير من الأفلام، وغالبًا ما جاءت أدوارها مساندة لكنها محورية في البناء الدرامي.
وبرعت في تقديم شخصية المرأة المصرية البسيطة والقوية في آن واحد، سواء في دور الأم الحنون أو الزوجة المكافحة أو السيدة الشعبية، وهو ما منحها لقب «أم الطيبين»، لما حملته شخصياتها من صدق ودفء إنساني.
نجاحات تليفزيونية وأدوار خالدة
على شاشة التليفزيون، شاركت إحسان القلعاوي في عشرات المسلسلات التي ناقشت قضايا المجتمع المصري بواقعية، وقدمت أداءً هادئًا بعيدًا عن المبالغة، ما جعلها نموذجًا للفنانة التي تعتمد على الإحساس قبل الاستعراض.
وكان آخر ظهور درامي لها من خلال مسلسل «هيما»، لتختتم مشوارًا فنيًا حافلًا بالعطاء والتنوع.
تكريمات ومسيرة إنسانية مميزة
حصلت الفنانة الراحلة على جائزة أفضل ممثلة من وزارة الإعلام المصرية، كما كرمها المهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون عام 2007 تقديرًا لمسيرتها الشاملة في مختلف مجالات الفن.
وعلى الصعيد الشخصي، تزوجت من الكاتب والسيناريست محمد أبو يوسف، وأنجبت ثلاث بنات، وحرصت على تربيتهن على حب العلم والمعرفة، ليحققن نجاحات أكاديمية مميزة داخل مصر وخارجها.
الرحيل وخلود الأثر
رحلت إحسان القلعاوي عن عالمنا في 31 ديسمبر عام 2008، عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراع مع المرض، أثناء إقامتها في الولايات المتحدة، تاركة خلفها رصيدًا فنيًا ثريًا وأثرًا إنسانيًا لا يزال حاضرًا في وجدان الجمهور.